بسم الله الرحمن الرحيم
نحن نعلم جميعا بأن ثورة
الساعات الذكية قادمة في الطريق. وإن لم يمضي على تواجد الساعات الذكية سوى
ما يزيد عن ثلاث سنوات حتى الآن، ونحن نعتقد بأن أغلبكم لم يفكر بعد في
شراء ساعة ذكية وهذا يرجع ببساطة إلى كون هذه الساعات الذكية غير قادرة بعد
على تأدية الوظائف التي نرغب فيها. وعلى الرغم من ذلك فإن فكرة تطور
الساعات الذكية لا تزال راسخة في ذهننا بحيث أن أغلبنا يؤمن بشكل صادق أن
سوق الساعات الذكية سوف يشهد ثورة في المستقبل كما هو الشأن اليوم مع
الهواتف الذكية.
انظروا، نحن الأوائل. في الواقع، هذا الإحساس هو الذي يدفع الكثير من
المستخدمين لشراء المنتجات الثورية ويقصد بالمنتجات الثورية تلك المنتجات
التي تعتبر الأولى من نوعها في العالم عندما يتم الكشف عنها لأول مرة كما
حدث مع iPhone في العام 2007 و iPad في العام 2010. للآسف، هذا يعني أن
فكرة الحصول على المنتج الثوري يتطلب دائما دفع تكاليف كبيرة مقابل الحصول
عليها لكونها هي الوحيدة في السوق وأنها وضعت في أيدي المستهلكين في وقت
مبكر. ونحن متأكدين فعلا بأنك سوف تفعل ذلك عندما تظهر المزيد من الساعات
الذكية في السوق، ونحن هنا مع بعض الأسباب لماذا يجب عليك أن لا تفكر في
شراء ساعة ذكية خاصة بك في أي وقت قريب.
- العتاد الموجود حاليا لا يسمح بصنع ساعات ذكية مثالية :
دعونا نبدأ أولا مع الساعة الذكية التي كشفت عنها شركة آبل في الأونة
الأخيرة، وبالطبع فنحن نقصد هنا ساعة Apple Watch. كما رأيتم على الأرجح
فإن الساعة الذكية ليست ناضجة إذا جاز التعبير وتبدو كما لو أنها عبارة عن
نموذج تجريبي فقط، وذلك ببساطة لأن شركة آبل ولا شركة سامسونج ولا أية شركة
أخرى وجدت الوصفة السحرية لصناعة الساعة الذكية المثالية التي يحلم أي
مستخدم بإمتلاكها، وعلى الرغم من أن الساعات الذكية التي كشفت عنها كل من
Sony و Samsung مؤخرا تحسنت بالمقارنة مع الساعات الذكية التي تم إصدارها
في الأعوام الماضية، فإنها لا تزال خيار غير عملي بالمرة.
هذا لا يعني أنه ليس هناك مصممين ومهندسين محترفين. ما نعنيه هنا أنه لا
يوجد أحد متأكد تماما من ما هي الميزات التي من الضروري توفرها في الساعات
الذكية، والتي هي زائدة عن الحاجة. نحن لا نزال في مرحلة معرفة الميزات
التي تعمل بشكل أفضل على الهواتف الذكية بالمقارنة مع الأجهزة اللوحية،
وهناك بعض أنظمة التشغيل التي لا تزال لا تملك تلك الميزات الأساسية، مثل
إفتقار نظام iOS 7 للمرونة وقائمة طويلة من الميزات، وإفتقار نظام الويندوز
فون لقائمة طويلة من التطبيقات الضرورية، وعلاوة على ذلك إفتقار نظام
الأندرويد لتطبيق رسمي للنسخ الإحتياطي للبيانات.
ولكن على الرغم من كل شيء، فإن مستقبل الساعات الذكية يعدنا بالأفضل،
خصوصا وأنه سيتم البدء بالتعامل مع الشاشات المرنة بشكل أكبر في هذا العام
في أو في العام المقبل، وهذا الأمر سوف يسمح لنا بالتخلص من تلك الساعات
الذكية التقليدية ذات الحجم الكبير وإستبدالها بساعة ذكية بإمكانها أن تكون
ملائمة أكثر لمعصم المستخدم وذات حجم صغير ولكن في نفس وقت عملية أكثر.
الشركات المصنعة سوف تبذل من دون أدنى شك جهود كبيرة لتطوير قطاع
الساعات الذكية، ولكن ببساطة المكونات ليست صغيرة بما يكفي حتى الآن. إذا
كنت تريد ساعة ذكية بإمكانها إستقبال وإرسال المكالمات والرسائل النصية
بدون ربطها مع الهاتف الذكي، فهذا يتطلب بطاقة SIM، وإذا أردت أن تكون
الساعة ذكية سريعة بما يكفي فهذا الأمر يتطلب وجود معالج قوي، وإذا أردت
التحكم في وظائف الساعة بشكل أفضل فأنت تحتاج إلى شاشة كبيرة. في الحقيقة،
إذا أردنا أن ندمج كل هذه المعدات فأنت سوف تحصل على علبة مربى وليس ساعة
ذكية. بالإضافة إلى ذلك، فإذا تم وضع هذا العتاد كله في مساحة صغيرة، فإن
درجة حرارة الساعة الذكية سوف ترتفع في غالب الأحيان، ولك أن تتصور كيف
سيكون بإمكانك إستخدام ساعة ذكية حول معصمك مع درجة حرارة عالية مع العلم
بأن الساعة الذكية ليست مثل الهواتف الذكية، فأنت سوف تضطر لوضعها في يدك
طوال الوقت.
الحل الرائع الوحيد الذي بإمكانه أن ينقل الساعات الذكية إلى بعد جديد،
وهو إستخدام شاشات OLED المرنة. في الحقيقة، شاشات OLED المرنة تعتبر
الخيار الأفضل للساعات الذكية ولقد رأينا ذلك بشكل واضح في الساعة الذكية
Samsung Gear S، ولكن هناك عائق آخر يحول دون إستعمال الشاشات المرنة وهو
عمر البطارية، فبإستخدام شاشة مرنة ملونة سوف تحصل على الأداء والألوان
الزاهية، ولكنك سوف تضحي بعمر البطارية، أما إذا تم إستخدام شاشة الحبر
الإلكتروني مثل ساعة Pebble فإنك سوف تحصل على عمر بطارية أفضل ولكنك سوف
تضحي بالألوان وسوف تحصل على أداء أبطأ بكثير.
- البطارية هي الحاجز الوحيد الذي يقف أمام التقدم التقني :
في نهاية المطاف، البطارية تعتبر واحدة من المشاكل التي تقف عائقا أما
تقدم العديد من المجالات ومن بين هذه المجالات نستحضر الساعات الذكية. إلى
حدود الساعة، البطاريات لم تكن سيئة للغاية على الساعات الذكية. على سبيل
المثال ساعة Pebble الذكية تستطيع الصمود لـ 5 أيام قبل أن تضطر لإعادة
شحنها، وساعة Sony الذكية تستطيع الصمود لحوالي 4 أيام تقريبا. الساعتين
على حد سواء تقدمان أداء جيد جدا فيما يخص عمر البطارية، ولكن هناك نوعان
من الأشياء التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار وهي أن ساعة Pebble تستخدم شاشة
بتقنية الحبر الإلكتروني أو بمعنى آخر شاشة بدون ألوان، وساعة Sony الذكية
تستخدم شاشة ذات درجة وضوح منخفضة والتي تصل إلى 220×176 بكسل، وبالنسبة
للساعة الذكية Galaxy GEAR التابعة لشركة سامسونج فهي تأتي بشاشة يبلغ
وضوحها 320×320 بكسل، ولكن الساعة تتوفر على بطارية تستطيع الصمود لمدة 25
ساعة فقط، وهذا ما يعني أن البطارية تقع ضحية لزيادة درجة وضوح الشاشة.
هذه العلاقات كلها تقودنا مرة أخرى إلى فكرة أننا لا نعرف حتى الآن ما
الذي نطوره. الأرقام المتوفرة لدينا لا تشير إلى إحتمال ظهور الساعات
الذكية المثالية، على الأقل في السنة القادمة، على الرغم من أن الساعة
الذكيةLG Watch Urbane التي أعلنت عنها شركة LG في الأونة الأخيرة تعدنا
بالكثير. لأنه ببساطة، الساعات الذكية لا تستطيع أن تقدم لنا بشكل جيد
الخدمات التي تقدمها لنا الهواتف الذكية. بطبيعة الحال، ما نريد القيام به،
وما تقوم به الساعات الذكية الحالية هما شيئان مختلفان جدا.
- إنعدام البرمجيات الموجهة للساعات الذكية :
عندما يتعلق الأمر بالتطبيقات والبرمجيات الأخرى، فإن المطورين لا
يرغبون عادة في تركيز جهودهم إلا على شريحة من المنتجات التي تتوفر على
شهرة واسعة في جميع أنحاء العالم، ولكن كما تعلمون على الأرجح فإنه سيكون
من الصعب على أي جهاز جديد إكتساح السوق بدون تطبيقات.
بصرف النظر عن مشكلة التطبيقات، فالحقيقة الأخرى المؤلمة هي أن أنظمة
التشغيل ليست على إستعداد لتتواجد على الساعات الذكية حتى الآن. حتى أكثر
أنظمة التشغيل ليونة ونحن نقصد هنا نظام الأندرويد سوف يعاني من مشاكل
التكيف، لأن النظام بصفة عامة تم تصميمه للتعامل مع الشاشات الكبيرة بدلا
من الشاشات الصغيرة، ولوضع الأمور في نصابها فإن نظام الأندرويد تم تصميمه
خصيصا ليتلاءم مع شاشة الهواتف الذكية المتوسطة الحجم. بغض النظر عن ذلك،
فإن نظام الأندرويد لا يتلائم مع الأجهزة اللوحية الكبيرة الحجم، لأنه
ستوجد هناك الكثير من المساحة في الشاشة، وما بالك كيف سيكون النظام على
الشاشات الصغيرة. بصراحة، العناصر المصممة للشاشات الكبيرة قد تتناسب من
الناحية الفنية مع الشاشات الصغيرة، ولكن أصابعك لن تتقلص، لذلك فإن طريقة
التفاعل بين المستخدم والساعة الذكية، وهذا ما يعني أن تجربة المستخدم لن
تكون مريحة. وما حاجة الشركات إلى جهاز لا يوفر سهولة الإستخدام والراحة
اللازمة للمستخدم.
الشركات يجب أن تكون لديها خارطة طريق بالنسبة لأنظمة التشغيل قبل أن
تقوم بالدفع بأجهزة جديدة إلى السوق. لقد رأينا هذه المشكلة من قبل مع شركة
سامسونج، بحيث قامت هذه الأخيرة بالكشف عن لوحيات مع نظام أندرويد غير
جاهز بعد ليكون مناسبا للإستعمال مع الأجهزة اللوحية، وقد أخبرت جوجل
الشركات المصنعة بذلك، ولكن شركة سامسونج تجاهلت نصائح جوجل وقررت المضي
قدما، مما أدى بها للكشف عن لوحيات بنظام الأندرويد 2.3 مع تجربة إستخدام
فظيعة إذا جاز التعبير. بالإضافة إلى ذلك، في ذلك الوقت كانت العديد من
لوحيات الأندرويد لا يمكنها حتى الوصول إلى ما يسمى آنذاك بسوق الأندرويد
أو بالأحرى Android Market، والسبب ببساطة، أن شركة جوجل لم تطور بعد نظام
الأندرويد ليتناسب مع الأجهزة اللوحية، ولكن بعض الشركات في ذلك الوقت لم
يهمها الأمر.
في الأونة الأخيرة، قامت شركة جوجل بالكشف عن نظام Android Wear الموجه
خصيصا للأجهزة الذكية القابلة للإرتداء. في الحقيقة، هذه خطوة رائعة جدا من
شركة جوجل لأنها توفر آفاق كبيرة للأجهزة القابلة للإرتداء بشكل عام
وللساعات الذكية بشكل خاص. ولكن مع ذلك، من وجهة نظري لا يزال نظام Android
Wear يحتاج للكثير من الأشياء لأنه يوفر ميزات محدودة جدا، ولكن نأمل أن
تحسن شركة جوجل هذا النظام في الفتة القليلة المقبلة.
بالمثل، نظام iOS من شركة آبل لا يزال غير مثالي للساعات الذكية لأنه تم
تصميمه خصيصا للأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، وليس للأجهزة القابلة
للإرتداء على الرغم من حقيقة أنها حسنت من نظام WatchOS المتاح في ساعتها
الذكية الحالية Apple Watch
- التكلفة بالمقارنة مع الجودة :
ليست لدينا حتى الآن خلفية عن أسعار الساعات الذكية، ولكن من الحق أن
نقول بأنه مهما كانت تكلفتها، فهي كثيرة جدا خصوصا إذا رأينا المواصفات
التقنية والبرمجيات التي سوف تحصل عليها. مثلا، الساعة الذكية Pebble تكلف
150 دولار أمريكي وبالنسبة للساعة الذكية LG Watch Urbane فهي تكلف نحو 500
دولار أما بخصوص الساعة الذكية Apple Watch فهي تكلف إبتداء من 349 دولار.
وعلى ما يبدو فإن الشركات المصنعة تحاول أن تسعر الساعات الذكية بسعر
يتراوح بين 150 دولار و 600 دولار أمريكي، ولكن ألا تعتقد بأن هذا السعر
كثير على جهاز بحجم راحة الكف.
دعونا نواجه الأمر، الجيل الأول من الأجهزة دائما ما يتم المبالغة فيه
بشكل لا يصدق. نادرا ما نجد حلا وسيطا جيدا والذي يأتي عادة من الصين. كان
الجيل الأول من iPhone مكلفا جدا، وبدا وكأنه مجرد حشرة عندما تم الكشف عن
iPhone 3GS. السيناريو نفسه سيحدث لقطاع الساعات الذكية. عندما قامت
الشركات التقنية مثل سامسونج و Sony بإطلاق ساعتها الذكية في السنوات
الماضية بدا للجميع أن الأسعار معقولة، ولكن بمجرد أن يتم تداول الإشاعات
حول ما تعمل عليه الشركات الكبرى مثل آبل وجوجل و LG وموتورولا في مختبرات
البحث والتطوير الخاصة بها، فسوف يتبين للجميع أن أسعار الساعات الذكية
الموجودة في السوق حاليا غير معقولة بالمرة.
لكن عندما يتم الجمع بين كل من التحسينات على مستوى الشاشات من خلال
إستخدام شاشات OLED المرنة، وزيادة كثافة البطاريات مع إضافة أنظمة تشغيل
الأمثل للساعات الذكية، فإن الفرق سيكون كبير جدا. لذلك، حتى لو كان الثمن
مرتفعا بنسبة قليلة عن سعر الجيل الأول من هذه الساعات الذكية فهذا أفضل
بكثير لأنك ببساطة حصلت على جهاز يجمع بين المواصفات التقنية الجيدة
والبرميجات المثالية إضافة إلى تجربة إستخدام مريحة.
- الكلمة الختامية :
إذا كنت واحد من الذين كانوا يخططون لشراء ساعة ذكية في أي وقت قريب،
فمن الأفضل لك الإنتظار حتى يتم الكشف عن نظام تشغيل مستعد للعمل بشكل
مثالي على الساعات الذكية.
هناك سبب لماذا لم نسمع عن عزم شركة مايكروسوفت العمل على تطوير نظام
الويندوز فون الموجه للساعات الذكية. وبالنسبة لشركة جوجل، فسوف تسعى من
خلال إصدارات Android Wear القادمة تحسين النظام للعمل بشكل جيد على
الساعات الذكية القادمة في المستقبل القريب.
إذا كنت تريد حقا أن تكون جزءا من الأوائل الذين يحصلون على ساعة ذكية،
فنحن لا يمكننا أن نمنعك من ذلك، كما أننا قد نكون مخطئين في تحليلاتنا
للسوق. ولكن، نحن نريد دائما منك أن تكون مسلحا مع أكبر قدر ممكن من
المعلومات من أجل أن تكون قادرا على إتخاذ أفضل القرارات الممكنة في
المستقبل. بغض النظر عن ذلك، سيكون هناك الكثير من الأشخاص الأوائل الذين
سوف يشترون الساعات الذكية التابعة لمختلف الشركات التقنية، وبإمكانك
إستفسارهم لمعرفة ما إذا كانت هذه الأجهزة ملائمة للإستخدام. بصراحة، مختلف
المجالات التقنية نضجت بسرعة كبيرة إلى حد ما في السنوات الأخيرة، ولكن
بالنسبة لمجال الساعات الذكية فهو لم يصل بعد لدرجة الكمال إذا جاز التعبير
خصوصا في هذه الأثناء، لذلك فإنه من الجيد دائما أن يتوخ الإنسان الحذر،
وتجنب القرارات السريعة.